حسن بخيت يكتب
لم يكن غريبًا أن تنتشر الأفكار الشاذة عن الدين الإسلامي في هذا العصر، وأصبحت “الفتاوى الغريبة من بعض ما يدعون أنهم علماء، “آمر مريب”،وسمة من سمات العصر ،
وأصبح المتحدثين باسم الدين يستغلون المنابر الإعلامية، التي أصبحت “مشغولة” بالحديث عن السياسة، وذلك لتحقيق رغباتهم في الظهور الإعلامي أو نصرة أحد الفصائل السياسية علي حساب الآخر ، ولم يُذكر أن قام الأزهر أو احد علمائه بتكذيبهم أو بالرد عليهم، فترك الأزهر الساحة مفتوحة أمام هؤلاء للحديث باسم الدين، وتشويه عقول المسلمين. خاصة خلال العقد الأخير والذى عانت مصرنا الحبيبة من انتشار الفتاوى الشاذة من قبل غير المؤهلين للفتوي حيث تنتشر من فترة لأخرى فتاوى تهز المجتمع لغرابتها وبعدها عن قيم ومعتقدات الشعب المصري.
ومن هذه الفتوى والتي انتشرت كالنار في الهشيم خلال الثلاث سنوات الماضية ما أفتى به الداعية د.أسامة القوصي حول جواز رؤية الخطيب لخطيبته أثناء استحمامها كما فعل الصحابة حتي يتأكد من صلاحيتها للزواج الأمر الذي أثار غضب وسخرية المجتمع في الوقت ذاته.
وهو ما دفع القوصي إلي الاعتذار عن هذه الفتوى التي أكد أنه أطلقها منذ 8 سنوات ثم تراجع عنها, مشيرا إلي أنه كان متأثرا منذ فترة بالعديد من الأفكار والمعتقدات الخاطئة التي اكتسبها من سيد قطب ولكنه ندم عليها – علي حد تعبيره-.
وتعيد هذه الفتوى إلي الذكري العديد من الفتاوي الشاذة التي أحدثت ضجة كبيرة في المجتمع المصري منها فتوي “إرضاع الكبير” التي أطلقها د.عزت عطية أستاذ الحديث بجامعة الأزهر عام 2007 و أباح فيها للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة, وكذلك أن ترضع السيدة سائقها خمس رضعات مشبعات مما يبيح الخلوة ولا يحرم الزواج.
واستمرارا لمسلسل الفتاوي الجنسية المثيرة أباح الشيخ جمال البنا -رحمه الله- القبلات بين غير المتزوجين كحل لتعنت الأهالي في إتمام الزواج بسبب الشروط المادية المكلفة مما أثار لغطا كبيرا داخل المجتمع
ولم يتراجع الشيخ جمال البنا عنها ولكنه أصدر كتابًا بعنوان “قضية القبلات وبقية الاجتهادات” أوضح فيه فتواه ومايقصد منه وأكد أن الإسلام لم يعتبر القبلات من كبائر الذنوب مثل الزنا، بل من الصغائر التي تعالج بالحسنات.
أثارت فتوي الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوي السلفية حول عدم دفاع الرجل عن زوجته في حال تعرضها للاغتصاب إذا كان ذلك سيعرض حياته للخطر مما أثار غضب المجتمع بسبب اصطدام الفتوي مع قيم وأخلاق المصريين.
وأوضح ياسر برهامي أن حماية النفس مقدمة علي حماية العرض وأنه إذا كان هناك إمكانية للزوج أن يدافع عن زوجته أو غيرها لابد أن يفعل ذلك إذا لم يكن هناك خطرا علي الحياة، وهي الفتوي التي رفضها الأزهر وأكد أن المسلم ليس “خسيسا”.
الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الذي أفتى بأنه يجوز جماع المرأة “الحائض”، مؤكدًا أن الإسلام أجاز ذلك، ومستعينًا في الوقت نفسه بفتوى للداعية السلفي ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي أكد أن “معاشرة المرأة المستحاضة جائز شرعًا”. وعلي الرغم من وجود نصوص صريحة في القرءان الكريم تُحرم ذلك، . أما الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت، فقد دعت الحكومة المصرية إلى إصدار قرار يمنع بتعدد الزوجات باعتبار أن ذلك سيمنع الانفجار السكاني، ووافقها الرأي الدكتور أحمد كريمة، مؤكدًا أن “تنظيم النسل هو من أصل الدين وليس هناك إحراج في ذلك”.
وعن الدكتور ” على جمعة ” فهو أكثر شيوخ الأزهر ورجال دار الإفتاء يتميزا بالقدرة الكبيرة على إثارة الجدل والنقاش حول فتاوه وأرائه الدينية وأحيانا السياسية ، ودائماً ما يستطيع جمعة أن يشعل مواقعة التواصل الاجتماعي بالتعليقات والانتقادات بسبب كا يطلقه من تصريحات وفتاةي غريبة ومثيرة للسخرية، يتعرض بسببها لعدد من الحملات الساخرة منه.
أما الدكتور سعد الدين الهلالى فله من الزلات والشطحات الكثير والكثير … تارة يقول أن الحجاب ليس بفريضة، وتارة يقول لا يشترط الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم من أجل ثبوت الإسلام، وتارة يقول أن قليل الخمر ليس بحرام، وتارة يقول أن اﻷضحية تجوز بالدجاجة، وغير ذلك من فتاويه الغريبة ، وأخر ابداعاته هو مطالبته عامة المصريين من الفقراء والمساكين بضرورة أكل أوراق الشجر والتحمل والصبر على الظروف المعيشية الصعبة و لا عزاء للبسطاء و الفقراء و الطبقات المتوسطة و الدنيا ! و هي الطبقات التي نصحها _ قبل أيام _ بأن ( تتقشف ) و ( تضع الأحجار على بطنها ) و ( تأكل ورق الشجر محاكاة لصحابة النبي ( صلى الله عليه و سلم ) في أوقات المحن ؟! دون أن يذكر لنا و للجماهير بوضوح أن من دعا لأكل ورق الشجر كان أول الآكلين و الباذلين و المضحين , و لا يوقد في بيته نار للطهو ثلاثة أيام جلدا ً و تحملا ً ؟! وبالمناسبة هل سيأكل د سعد الهلالي معنا ورق الشجر ؟ أم سيكتفي بنصحنا مع بقاء صولاته و جولاته في فضائيات رأس المال بعقودها المليونية المغرية , و بصورها و لافتاتها الدعائية / الإعلانية التي تصطف بكثرة هائلة على الطريق الدائري و قد تصدرتها جميعا ً صورة د سعد الهلالي بابتسامة ( الجيوكوندا ) التاريخية.
ولم يتوقف الجدل الديني مؤخرا حول إصدار الفتاوى الشاذة ، فها هو الشيخ محمد عبد الله نصر، خطيب التحرير والشهير بـ«ميزو»، يبيح “المذهب الشيعي”، ووصف الأمام البخاري بـ”الكاذب”، ولم يكتف بذلك وإنما أكد أن الرسول صلي الله عليه وسلم، قد أقسم بآلهة قريش!!، والصحابي الجليل خالد بن الوليد، كان زانياً. وأخر جنونه عندما كتب على صفحته الخاصة أنه المهدي المنتظر، مطالبًا جميع شعوب الأرض بمبايعته.
وأكد الشيخ ( ميزو ) خلال صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي”فيسبوك” يوم الأحد الماضي:”أعلن أنني أنا الامام المهدي المنتظر محمد بن عبد الله الذي جائت به النبوءات وجئت لأملأ الأرض عدلا وأدعوا السنة والشيعة وشعوب الأرض قاطبة لمبايعتي .
أما أاخر هذه الفتاوى العجيبة فكانت من نصيب الدكتور “شوقي علام” مفتي جمهورية مصر العربية والذى ظهر علينا قبل أيام قليلة في فتوى جديدة مثيرة للجدل، حيث قال إن المسلم إذا تلقى مكالمة تليفونية أثناء تأديته للصلاة فإنه من الممكن قطع الصلاة والرد على الهاتف في حالة أن هذه المكالمة ستلحق بصاحبها ضرر ما إذا لم يتم الرد عليها أو تدرك مصلحة تفوت بفواتها، مؤكداً أن قطع الصلاة في هذه الحالة يجوز شرعاً ثم يأديها المصلي بعد انهاء المكالمة.
وجاء ذلك الرد بعد سؤال أحد المسلمين عن جواز قطع إحدى الصلوات الخمس في حال انتظار مكالمة مهمة جداً وقدومها خلال تأدية الصلاة، ثم إكمال الصلاة مرة آخرى بعد الانتهاء من الرد وانتهاء المكالمة.
واستكمل “علام” رده على هذاالسؤال قائلاً: هذا مع التنبيه على أن المعيار فى هذا الأمر شخصى، وتحقيق المناط فيه مَرَدُّه إلى المصلى نفسه فى تحديد ما هو مهمٌّ على جهة الضرورة أو الحاجة، وفى تحديد ما يتأتى إدراكه وما لا يتأتى، ويجب أن تقدَّر الضرورة أو الحاجة فى ذلك بقدرها. أما الشيخ مظهر شاهين فقد أعرب عن استياءه الشديد من موجات الفرح والشماتة المختلفة ضد حرائق إسرائيل والتي اندلعت يوم الثلاثاء الماضي. وقال إن إسرائيل ليست عدوا لنا. انما العدو الأول والاساسي هما تركيا وقطر
تلقي هذه الفوضى في مجال إطلاق الفتاوى وتصدر غير المؤهلين لمجال الدعوي الإسلامية علي كاهل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المزيد من الأعباء حول دورها في التصدي للفكر المنحرف وكل ما يحيد عن الإسلام الوسطي الصحيح, وتدفع الكثيرون إلي التأكيد علي ضرورة توفير للأزهر ما ينبغي من إمكانيات ومتطلبات قد تعيق قيامه بدوره علي أكمل وجه خاصة بعد تهميشه خلال السنوات الأخيرة.